top of page
Featured Posts

لم يفهم الإسلام !


أنت لم تفهم الإسلام ... الآخر لم يفهم الإسلام ... جمل متكررة من كل طرف تجاه الطرف الآخر في محاولة لتفسير أو تبرير تصرف معين مرفوض بالنسبة لكل منهما، و للقول بأن هذا التصرف لا علاقة له بالإسلام ... ما معنى "لم تفهم الإسلام" ؟؟ ما هو الإسلام أولا ؟ باختصار شديد، و بحيادية، الإسلام هو رسالة إله مفترض للعالم، و خصوصا للجنس البشري... فـ "فهم الإسلام" لا يعني أي شيء أكثر من "فهم رسالة الله"، و ما يريد الله أن يقوله لنا من خلال تلك النصوص التي وصلتنا و التي يفترض أن مصدرها سدرة المنتهى... فحين تقول لي "أنت لم تفهم الإسلام"، أو لم تفهم نص معين من نصوص الإسلام، فأنت إما تقر بأن النص غير واضح، أو تقول بأني غبي... لكن حتى هنا مشكلة، لأن المفروض أن الإسلام رسالة الله لكل البشر باختلاف مستوياتهم الثقافية و المعرفية و لغاتهم و ثقافاتهم و ذكائهم، فالمفروض أن يكون سهل و مفهوم من الجميع ، لكي يكون الله عادلا و لا يقال أنه اختص برسالته قوما أو فئة معينة دون الآخرين... فلنأخد الآن مثال بسيط ...وهو مثال تكلمت عنه سابقا فلا بأس أن أكرره... ومثالي من القرآن ، حتى أقف على مسافة متساوية من الجميع... اذا أخدنا آية قطع يد السارق... المسلم له الحق في أن يجادل أخوه المسلم في معناها و مذا أراد الله أن يقول بتلك الجملة، هل أمرنا ببتر يد السارق أم سجن السارق ، و في حالة السجن ما هي المدة التي يجب أن يبقى السارق مسجونا...ّ أما أنا ، و المجتمع لا يجب أن نهتم لـ تفسير هذا النص، بما أن الله لم يتدخل ليوضح كلامه و يحسم الأمر بشكل قطعي كأن يقول "بتر يد السارق" أو "سجن السارق" و يريحنا من الآخر . ما يجب ان نهتم به ، هو أثر ذلك النص ، أو تلك النصوص و تفاسيرها على أرض الواقع... فما يهمني أنا شخصيا ، و يجعلني أرفض هذه الآية ، و أحاربها بكل ما أوتيت من قوة و فكر ، هو السؤال السحري : هل هذه الآية تقبل التفسير السيء و الذي هو في هذه الحالة : "بتر اليد" أم لا تقبله ؟ مجرد كونها تقبل هذا التفسير يجعلني أرفضها و أنتزع القداسة عنها... فسواء أراد الله أن يقول"سجن السارق" أو "وضع الحناء على يد السارق" أو "بتر يد السارق" أو "طحن يد السارق " ... لا يهمني الأمر، بما أن التفسيرات السيئة مستساغة و ممكنة ... طيب لمذا سأعادي هذه الآية و أحاربها و أرفضها و أنزع القداسة عنها لمجرد أنها تحتمل تفسير معين أنا لا أريده ؟ و لمذا لا أسعى لنشر التفسير الجميل الحلو للآية بدلا من رفضها ؟ أولا الموضوع ليس رفض من أجل الرفض أو بسبب الإشمئزاز ،بل لأن التفسير المنتشر و الأكثر استساغة للآية في هذا المثال لا يماشى مع العدالة لعدة أسباب، وقد فسرت هذا سابقا ( مثلا :العقوبة لا تناسب الجريمة، فسارق دينار تقطع يده و سارق مليار تقطع يده، وهذا مثال فقط و قد ذركت غيره من الأمثلة)... (و أريدك هنا عزيزي القارئ أن لا تتوه فالموضوع ليس عن حد السرقة، حد السرقة هو مجرد مثال و كنت أستطيع أن أعطي آيات أو نصوص أخرى بدلا منه.) ثانيا و باختصار، أنا ضد محاربة التفسير بالتفسير ، و إشاعة تفاسير تناسب حاجاتنا ، لأن هذا لن يحل المشكلة ، فهذه اللعبة لن تعطي نتيجة ، لأنها تحافظ على قداسة النص و مرجعيته، و تعطي الحق للذي يريد أن يفسره تفسيرا همجيا أن يفسره التفسير الهمجي و يطبقه ان استطاع لذلك سبيلا، كما تفعل داعش... فحين تدخل في دوامة التأويل و التفسير، أنت توافق ضمنيا على مرجعية النص و قدسيته، فأنت تقبل بمرجعية الآخر، و الإختلاف بينكما سيكون مجرد فهم... أي أن قبولي به مع تفسيري الخاص له، يعني أني قدست النص و أعطيت نفسي حرية التفسير، و بالتالي صرت ملزما بأن أحترم حرية الآخر في أن يفسر بما يشاء أيضا و بأن يقول رأيه و ربما يطبق على أرض الواقع. فالحل في نظري هو رفض المرجعية ذاتها، أنا لا أقبل هذا النص، و أرفض أن أُحكم به أو ينظر إلي الناس من خلاله من الآخر، مهما كان التفسير الصحيح للنص، بما أن النص يقبل تفسيرا إجراميا منافيا للعدالة. #الشيخ_ديكارت


آخر المقالات
الأرشيف
bottom of page